بصدق: كم ساعة يقضي ابنكم أمام الشاشة (عندما نتحدث عن الشاشة لا نعني فقط التلفزيون، ولكن أيضا التابلت، السمارتفون والكمبيوتر)؟ ساعة؟ ساعتين؟ ثلاث؟ ربما أكثر؟ يجب أن تعرفوا: نشرت منظمة أطباء الأطفال مؤخرا توصيات قاطعة بشأن تعرض الأطفال للشاشات، مشيرة إلى أنه ينصح بأن لا يزيد جلوس الأطفال من سن ست سنوات أمام شاشة عن ساعتين في اليوم.
“يجب أن نعترف: معظم الآباء يعتمدون على التلفزيون بدرجة أو أخرى”، كما تقول د. افرات وكسلر، وهي متخصصة بطب الأطفال في مئوحيدت. “في الواقع الذي يعمل فيه الأهل على مدار الساعة ولا يجدون الوقت المناسب دائما للحديث، اللعب أو حتى وجبة عشاء مشتركة مع الطفل، فإن التلفزيون والكمبيوتر هي الحلول المتاحة والمريحة”.
من السمنة وحتى مشاكل نقص الانتباه والتركيز
حسب أقوال د. وكسلر، هنالك صلة مباشرة بين مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة وبين مشاكل مختلف، من بينها السمنة الزائدة (لأن الأطفال يميلون إلى الجلوس مع نقارش وحلويات أمام التلفزيون)، اضطراب نقص الانتباه، وانخفاض في القدرات المعرفية. المشاهدة في الغالب سلبية ولعبة الكمبيوتر لا تؤدي الى التطور مثل اللعب “الحقيقي” الذي فيه رؤية مكانية وتواصل بين الأشخاص، ولذلك يمكن أن تظهر أيضا اضطرابات في التواصل العائلي أو مع الأصدقاء، واضطرابات في النوم.
وتؤكد د. وكسلر أن الإشعاع المنبعث من الشاشات هو أمر إشكالي، كونه غير معروف تأثيره الحقيقي على دماغ الطفل: “من المعروف أن أجهزة مختلفة مثل التلفزيون والكمبيوتر تصدر إشعاعات، ويبدو أن لهذا الأمر أبعادًا صحية، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما هي التأثيرات، كم وكيف. هذا هو السبب، على سبيل المثال، في أنه يجب عدم السماح للأطفال الصغار والأولاد التحدث بالهاتف الخليوي”.
وعلاوة على ذلك، تقول د. وكسلر، إن المضامين التي يتعرض لها الأطفال قد تكون جنسية أو عنيفة لا تتناسب مع أعمارهم. وتوصي بمحاولة تصفية المضامين، وتحديد كمية وطريقة المشاهدة وأن نكون منتبهين لحقيقة أن المضامين غير المناسبة يمكن أن تؤثر على نمو الطفل وعلى مهاراته الاجتماعية.
إذًا ماذا نفعل؟
د. وكسلر تدعم التوصيات الجديدة وتقول من المهم تبنيها، ولكن بقدر وبطريقة يمكن أن تندمج في الحياة اليومية. “من المهم إظهار وجود الأهل في الأمر والانتباه للمضامين التي يتعرض لها الطفل. بالإضافة الى ذلك، يفضل التحدث معه حول تلك المضامين حسب عمره، وعدم السماح بمشاهدة لفترات طويلة وعدم وضع تلفزيونات في غرف الأطفال- وذلك بسبب الأشعة التى تنبعث منها، وكذلك بسبب عدم وجود رقابة للأهل على المضامين التي يتعرض لها الطفل. ومن المستحسن أيضا كشف الطفل على بدائل ترفيهية أخرى تشمل اللقاءات الاجتماعية أو الرياضية”.
ويفضل أن نضع في اعتبارنا، كما في كل شيء، أن التعرض المعتدل للشاشات فيه إيجابيات أيضا. “ومقابل البحث المخيف الذي تحدثنا عنه حتى الآن، هناك أيضا دراسات تبين صورة مشجعة أكثر وتشير إلى أن التعرض المعتدل للتلفزيون يثري المعرفة (على افتراض أن الطفل يتعرض لمحتوى مناسب). كما أن ألعاب التفكير الإلكترونية يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على عملية التفكير لدى الطفل. لذلك لا يجوز تشويه صورة الشاشات بشكل مطلق. فإنها وجدت لتبقى، وأنها ليست دائما سيئة “. وتقول د. وكسلر أنه بدلا من مناهضة التكنولوجيا، يفضل استغلالها للجوانب الإيجابية التي بها، في حين ينبغي أن يكون التركيز على مسألة التناسب. “ولا شك أنه إذا لم يتم الأمر بالقدر المناسب، فإن الضرر يفوق الفوائد بكثير”.
وفي الختام، تذكرنا د. وكسلر بأن أهم شيء هو عدم نسيان الحياة الحقيقية، تلك الموجودة خارج الشاشة، والحرص على أن تظل هي أيضا جزءا من الحياة اليومية للطفل. “اخرجوا مع الأطفال خارج البيت. قوموا بتشجيعهم على الخروج الى دورات، واللعب بالكرة والركض. قوموا بتحديد استخدام الشاشات المختلفة وفقا للتوجيهات ولا تسمحوا للأطفال بأن يدمنوا عليها. وأهم شيء: جدوا الوقت المناسب لتناول العشاء معا، بدون الهواتف النقالة، بدون شاشات وبدون انشغالات جانبية. حتى وإن لم يتح لكم أن تفعلوا ذلك كل يوم، حاولوا أن تكرسوا لهذا الأمر على الأقل جزءا من أيام الأسبوع. فالجميع سيستفيد من ذلك، وبشكل كبير”.