الطب البديل وأبعاده
يشهد العقد الأخير ازديادًا كبيرًا في عدد الذين يعانون من حالات التوتر الدائم. وذلك بسبب سرعة وتيرة الحياة، وعبء العمل وصعوبته. وهنالك عامل آخر لازدياد حالات التوتر ألا وهو تواصلنا الذي لا يتوقف مع العالم عبر وسائل الإعلام: وكأنه لا يكفينا ما بنا من مشاكل صغيرة خاصة بنا، فنحن نعيش أيضا التهديد والخطر الذي يتعرض له عمال المناجم في تشيلي أو ضحايا تسونامي في اليابان. وتشير الأبحاث إلى أن 60% من السكان البالغين يعانون من حالة التوتر والإجهاد بمستوى مرض سريري. وثلث من الذين يعانون من توتر متواصل يعانون من الاكتئاب وتتطور الحالة لدى الثلثين الآخرين الى حالة من القلق. وتعاني النساء أكثر من الرجال، وذلك لأنهن يتعرضن لضغوطات العمل والحياة، وكذلك كونهن مسؤولات عن إدارة البيت والأسرة.
وبالإضافة الى المس بجودة الحياة، فإن حالات التوتر والإجهاد المتواصلة مرتبطة بشكل واضح بأمراض طبية عديدة: مشاكل في القلب وارتفاع ضغط الدم، الربو، السكري، السمنة الزائدة، الصداع، الحرقة، أوجاع البطن ومتلازمة القولون العصبي، وهذه جزء قليل فقط من القائمة.
يتيح الطب التكميلي التعامل الفعال مع حالات الإجهاد والتوتر التي نتعرض لها. فكل علاجات اللمس لها تأثير مهدئ بشكل فوري وتأثير على المشاعر وعلى الأجهزة الفسيولوجية للجسم. فعلاجات التدليك، رفلكسولوجيا، شياتسو أو توينا، تؤدي إلى انخفاض في النبض، ضغط الدم، وتيرة التنفس ومستويات هرمونات الإجهاد والوتر. وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على الرضع أن اللمس العادي للطفل، كما أثناء تغيير الحفاضات، يؤدي الى انخفاض في مؤشرات الـ STRESS. وفي مدارس التمريض يعلمون الممرضات حول أهمية لمس المريض والتأثير الإيجابي للمس على الشفاء من الأمراض.
تؤدي علاجات اللمس الى التحسّن الفوري والسريع، أثناء العلاج وبعده مباشرة. والانخفاض في حدة التوتر يمكن الجسم من اكتساب قدرة على مواصلة مواجهة التوتر. ومع ذلك، كلما ابتعدنا عن موعد العلاج الأخير، فإن الاحتياطي الذي حصلنا عليه بفضل العلاج سيتم استغلاله، وهكذا نجد أنفسنا مع أعراض التوتر والضغط والشعور بالتعب وعدم الطاقة. ولذلك، من المهم أن نعرف أن الإجهاد هو حالة مزمنة ومستمرة لدى معظمنا. ولذلك، من المهم أن نستثمر الوقت في العلاج أيضا مع تأثير طويل المدى.
أنواع العلاجات
أحد أنواع مثل هذا العلاج هو بيوفيدباك. بيوفيدباك يعني ارتجاع بيولوجي من الجسم. وتستند تقنية العلاج الى استخدام جهاز يقرأ ردود فعل الجسم ويعرضها للمريض. وهناك العديد من المؤشرات التي يمكن قراءتها مع الجهاز: النبض، التعرق، توتر العضلات، النشاط العصبي وغيرها. عندما يتم اختيار المؤشر الذي يعكس مستوى التوتر لدى المريض، تبدأ عملية التمرّن وتعلم تقنيات تخفيف التوترات، مثل تمارين التنفس. انعكاس مستوى التوتر بشكل بياني على شاشة الكمبيوتر، يساعد المريض على تعلم الطريقة بشكل ناجع. وبعد ذلك يقوم هو بتنفيذ التمرين يوميا، أو حسب الحاجة.
وهناك مجموعة أخرى من العلاجات ذات الأثر طويل الأمد، تشمل الاستعمال المعقول للأعشاب الطبية، زهور- باخ أو المعالجة المثلية. وأشدد على “معقول”، لأن الاستعانة بمستحضرات الإسعاف الأولي مثل خلاصة RESCUE توازي الاستعانة بعلاجات اللمس– تحسّن فوري ولكن مؤقت. والطريقة الصحيحة هي استخدام عدة خلاصات حسب نظام ومنطق سريري، وذلك من أجل تحسين صمود المريض في وجه عوامل التوتر والإجهاد.
باللغة المهنية للمعالِجين يتحدثون عن مسألة الـ “لماذا”. بعد أن خففنا مستوى التوتر الأساسي، يجب معرفة السبب الذي يجعل الشخص يعيش الحالة المليئة بالتوتر، إذ يتمتع معظمنا بإفراز الأدرينالين، وعلى استعداد بأن نقف في الدور وندفع لكي نصعد للمنشأة المخيفة في مدينة الملاهي. أي أن حالة التوتر يمكن أن نجربها كحالة من التحدي المثير للاهتمام أو كمصدر تهديدي مزعج. ونفس “لماذا” التي تجعلنا عرضه لشعور التوتر يمكن أن تكون ذات طابع تنافسي للغاية، نزعة للكمالية، انعدام الأمن أو الحاجة للمصادقة والدعم.
الأعشاب الطبية
الأعشاب الطبية ليست بديلاً للعلاج بالمحادثات، ولكنها يمكن أن تساعد في القفز عن ذلك العائق. وبعد أن ننجح، بمساعدة العلاج، في تحويل حالة مشبعة بالتوتر والضغط السلبي الى حالة من التحدي الممتع والإيجابي، يتم التقليل التدريجي من قوة العلاج، الى أن يصل الى الوضع الذي تصبح فيه العادة السليمة والصحية أمرًا طبيعيًا ولا تكون هناك حاجة إلى الاستعانة بالأعشاب الطبية.
وفي كل الأحوال، لا تظلوا تعيشون حياة مليئة بالتوتر والكرب. فهذه الحالات تسبب المس بجودة الحياة بالمدى الفوري، وتسبب القلق والاكتئاب والأمراض الجسدية الصعبة على المدى القصير. اختاروا العلاج واهتموا بأنفسكم.