إن قراءة القصص الدائمة والمنتظمة من مرحلة الطفولة المبكرة تسهم إسهاما كبيرا في تطوير أطفالنا. أغمضوا عيونكم للحظة وحاولوا أن تستذكروا الذكريات الأكثر متعة مع أهلكم، فمن المرجح أنه في كثير من مثل هذه اللحظات كنتم في السرير، بالبيجاما، وإلى جانبكم الأم أو الأب يقومون بقراءة القصص الشيقة لكم. وهذا ليس فقط أمر لطيف، بل مهم أيضا. إليكم التفاصيل.
الأطفال الذين يقرؤون لهم القصص هم أكثر إبداعا وذوو خيال أكثر تطورًا
ليست هناك حالة أخرى يستطيع فيها الطفل أن يبني في رأسه شخصيات، حبكات وأماكن على أساس من الكلمات، مثل الاستماع إلى قصة. فالكتب هي الإرسال الأنجح للطفل الى عالم الخيال. محاولة معرفة ما سيحدث مسبقا، أو ما هو الحدث الذي سيتسبب في القصة نتيجة لحالة معينة، تسهم هي أيضا في تطوير خيال الطفل. إليكم نصيحة قبل قراءة كتاب جديد – قوموا بتصفحه سوية وحاولوا أن تخمنوا ماذا ستكون الحبكة. دافع رائع لتطوير الخيال والإبداع.
الأطفال الذين يقرؤون لهم يكونون طلابا أفضل
يظهر البحث الذي أجراه ماكلين ومكماني عام 1990 أن الأطفال الذين يسمعون حكايات هم طلاب أفضل لاحقا. وهذا ليس مستغربا. فالأطفال الذين يتعلمون الاستماع إلى القصة وفهمها من سن مبكرة يمكنهم أن يتعاملوا بشكل جيد مع النصوص والقصص في إطار المدرسة، وتحليلها واستخلاص النتائج والتعبير عنها خطيا. وعندما يدور الحديث عن فهم المقروء، فإن قراءة القصص في سن مبكرة تسهم في تعزيز هذا المجال الذي سينعكس في أعمال ومجالات متنوعة في الحياة.
الأطفال الذين يقرؤون لهم لديهم أفق واسع
تشكل الكتب مصدرا لا ينضب من المعرفة في جميع المجالات ومن جميع الاتجاهات: الكلمات والعبارات، الظواهر الطبيعية، التاريخ، أسلوب الحياة والثقافة في بلاد بعيدة، حكايات تاريخية، الأساطير، ومعرفة المدنيات. وهذه المعرفة هي أساس لمشاعر القرابة والأخوة وفهم المختلف لدى الأطفال.
الأطفال الذين يقرؤون لهم لديهم ثروة لغوية أكبر
تشجع قراءة القصص للأطفال تطوير الكلام. في المرحلة الأولى يدور الحديث عن التعرف على الأصوات والمقاطع وفي وقت لاحق التعرف أيضا على الكلمات، وبعد ذلك- حتى على جمل كاملة وعلى قواعد اللغة بالشكل الصحيح، كلمات مترادفة ومعجم غني.
الأطفال الذين يقرؤون لهم يطوّرون مجال أحاسيس أوسع
تتيح القصة للطفل الحفاظ على مسافة معينة من الحدث وفحص أحاسيسه، أفكاره وسلوكه بشكل آمن ومحمي. ومن خلال تماثله مع أبطال القصة فإنه يدرك أن كل مشاعره مشروعة وحتى غير اللطيفة، مثل الخوف وخيبة الأمل والغضب والغيرة. فالطفل الذي يستمع الى القصص يعرف كيف يصف مشاعره بشكل أكثر وضوحا ومواجهتها، واستلهام أفكار لإيجاد حلول لتحسين المزاج عندما يشعر بالحزن أو الغضب.
الأطفال الذين يقرؤون لهم يواجهون المخاوف بشكل أفضل
من الناحية المعنوية، القصة هي مساحة وسيطة- بمثابة جسر- بين الواقع والخيال. الطفل موجود في بيته، في الواقع- بينما القصة لا تخضع بالضرورة لقوانين العالم الحقيقي. وبين هذين الأمرين يوجد الوالد/ة، الذي يفصل بين الطفل وبين الوضع المخيف الذي يتم وصفه في الكتاب. وبهذه الطريقة يمكن أن يشعر الطفل بالخوف، ويشعر أنه محمي منه، ويصل إلى شاطئ الأمان في نهاية القصة.
الأطفال الذين يقرؤون لهم يحظون بقضاء وقت نوعي أكثر مع والديهم
إن قراءة القصة، حتى لو كانت قبيل نوم الطفل بلحظة، هي وقت نوعي مهم بين الطفل ووالديه. هذا هو الوقت الذي تطرح فيه من خلال القصة المواضيع المختلفة التي يمكن التحدث عنها وتوضيحها، بهدوء وبحميمية، بدون قيود الزمان والمكان.
إذًا متى تبدأ؟
د. ياعيل دار، مؤلفة كتاب “قصة أخرى ويكفي” تعتقد بأنه يمكن وينبغي قراءة القصص للأطفال من جيل صفر. ربما في البداية لن يفهموا، ولكنهم يسمعون صوتنا المألوف والمهدئ، يشعرون بملامستنا المداعبة ويطوّرون عادة جيدة منذ الرضاعة.
سنتان حتى أربع سنوات- يمكن في هذا الجيل التمتع بقصة فيها تسلسل سردي، ولكن ليس قصة طويلة جدًا. ومن المهم جدًا أن تظهروا للأطفال الرسوم التوضيحية في الكتاب. وفي هذا الجيل من المستحسن ملاءمة موضوع الكتاب لواقع الطفل، مثلا كتب حول موضوع التخلص من استعمال الحفاضات، المصاصة والقنينة، انضمام أخ جديد للأسرة، الدخول لرياض الأطفال وغيرها.
أربع إلى ست سنوات- الأطفال في هذه الأجيال لديهم مطالب عالية بما يتعلق بالنصوص الأدبية. هم يعرفون ما هي القصة الجيدة والشخصيات المثيرة للاهتمام والتي تشدّهم عاطفيا وفكريا. وهم يعرفون كيف يقيّمون اللغة وخفة الظل والفكاهة والرسوم التوضيحية الجيدة. وفي هذا الجيل يمكن أيضا قراءة القصص لهم على حلقات، فصل في كل يوم.
حتى لو كان طفلكم قد تعلم القراءة، لا تتوقفوا عن القراءة له، بل على العكس! استغلوا ساعة القصة للتمرن، قوموا بالقراءة بالتناوب- هو جملة، وأنتم جملة. الأطفال يحبون القراءة لهم، حتى وهم قادرون على القراءة بأنفسهم.