منذ طفولته، عانى ايتاي من أمراض الأنف الأذن والحنجرة. التهابات الأذنين المتكررة، ضيق في التنفس، وسيلان الأنف المزمن. عندما كان عمره حوالي أربع سنوات، لاحظ والداه أنه يشخر في الليل. “كسائق شاحنة،” تضحك والدته عندما تتذكر. وتضيف: “لم يعد الأمر يضحكنا عندما أدركنا أن الأمر لا يتعلق بالشخير فقط: كان يتغير فجأة، وفعلا يتوقف عن التنفس لعدة ثوان طويلة، مما كان يخيفنا كثيرًا”. طبيبة الأطفال المسؤولة التي تعالج ايتاي قامت بتحويله الى أخصائي الأنف الأذن والحنجرة، الذي شخص: اللوزة الثالثة مضخمة.
اللوزة الثالثة
اللوزة الثالثة هي تضخم الأنسجة اللمفاوية التي تقع خلف تجويف الفم. لدى بعض الأطفال – وخاصة أولئك الذين لديهم ميل لحساسية أو فرط الحساسية في الجهاز التنفسي- تنتفخ منطقة هذه الأنسجة بشكل كبير جدا. اللوزة الثالثة المضخمة، الموجودة في منطقة تدفق الهواء الأنفي، تؤدي الى تضييق مجرى الهواء. وبمجرد وجود انسداد، يتم سماع صوت الشخير المزعج. يظهر الشخير أساسا في الليل، حيث يتنفس الأطفال خلال النهار عن طريق الفم ويقضون يومهم مع فم مفتوح.
يكون الانسداد جديّا أحيانا الى درجة أنه يمكن أن يسبب توقف التنفس أثناء النوم. أي، لفترات تمتد لبضع ثوان لا يوجد مجرى هواء، ولذلك ينام الطفل ويشخر وفجأة يوجد صمت: يتوقف الطفل عن التنفس.
تأثير الانسداد المزمن لمجرى الهواء
الآثار المترتبة على توقف التنفس في الليل و”تنفس الفم” اليومي عديدة ومعقدة. وفيما يلي بعض منها:
- اضطراب النمو: تظهر الدراسات صلة واضحة بين الانسداد التنفسي لفترات طويلة وتأخير أو اضطراب في النمو بسبب اضطراب في إفراز هرمون النمو خلال النوم.
- اضطراب في النمو المعرفي: النوم الطبيعي ضروري للتطور العصبي المعرفي السليم. تظهر الأبحاث وجود صلة واضحة بين اضطراب التنفس الانسدادي خلال النوم وبين اضطرابات الانتباه والتركيز، اضطرابات الذاكرة، والعسر التعليمي.
- تغييرات في مبنى الوجه: يبدو الأمر غريبا، ولكن صحيح: التنفس المزمن من الفم خلال فترة الطفولة قد يؤدي إلى تغيرات في تطور مبنى الوجه الذي ينعكس، من بين أمور أخرى، في مبنى ضيق للفك العلوي وموقع خلفي وسفلي للفك السفلي.
- اضطرابات القلب والجهاز التنفسي: حالات شديدة وطويلة الأمد من اضطراب التنفس الانسدادي خلال النوم قد يسبب ارتفاع ضغط الدم الرئوي، واضطراب في تبادل الغازات في الرئتين. هذه الاضطرابات يمكن أن تسبب لاحقا تغييرات في بنية ووظيفة القلب.
كيف يمكن أن نعرف بشكل مؤكد أن مصدر هذه الأعراض هو الشخير ليلا؟ والدا ايتاي قاما بتسجيل صوت شخيره في الليل، وأسمعوا التسجيل لطبيب الأنف الأذن والحنجرة. وهذه طريقة لا بأس بها، لكن الفحص الأفضل الموجود اليوم هو فحص مختبر النوم، وهو يتم ليلا برفقة الأهل. يتم وصل إلكترودات بجسم الطفل ويفحصون ما يجري في جسده أثناء النوم. يتم فحص ضربات القلب والتنفس ومجرى الهواء عبر الأنف، وتشبع الأكسجين في الدم (كم من الأوكسجين يدخل في الجسم مع كل نفس)، مدى الضجيج الذي يطلقه الطفل، عدد مرات التنفس، حركة الصدر، جودة النوم، حركات الرجلين وغيرها من المعايير الأخرى التي يمكن أن تشير إلى حالته. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن فحص فيما اذا كان هناك انقطاع حقيقي للنفس، وما هي درجة اضطراب اللوزة الثالثة.
أحيانا يجب إجراء عملية جراحية
في معظم الحالات يمكن حل مشكلة انسداد مجرى الهواء الذي تسببه اللوزة الثالثة عن طريق إزالتها من الجسم بالجراحة. العملية الجراحية، كما ذكرنا، هي الأكثر شيوعا التي يتم إجراؤها للأطفال في البلاد. ولكن قبل التوسع في موضوع العملية الجراحية، من المهم أن نعرف أنه ليس كل حالة شخير تصل الى عملية جراحية. هناك أطفال لا يكون الشخير لديهم مصحوبا بأعراض تؤثر سلبا على جودة حياتهم ولا تشكل خطرا على حياتهم، ويمكنهم أن يعيشوا مع هذا بضع سنوات أخرى. على الأغلب، في سن التاسعة أو العاشرة يتم انحسار الظاهرة من تلقاء نفسها، حيث من الأفضل المعاناة من الضوضاء مقابل الاستلقاء على طاولة العمليات. الجراحة ضرورية فقط للأطفال الذين يعانون من انسداد كامل وانقطاع النفس.
تقول والدة ايتاي: “قرأت وبحثت في الموضوع ووجهت الكثير من الأسئلة لطبيبنا. فوجدت أن الجراحة تؤدي إلى الشفاء التام من هذه الأعراض لدى أكثر من 80٪ من الأطفال. وفهمت أن العملية الجراحية بسيطة وشائعة، والأهم من ذلك، أدركت كم يعاني طفلي. قرأت شهادات لأهالي يتحدثون كيف أن جودة حياة طفلهم قد تحسنت بما لا يقاس بعد الجراحة. وقررنا أن نذهب في هذا الاتجاه.”
عادة لا ينصحون بعملية جراحية لإزالة الزائدة الأنفية قبل سن سنة، إلا في الحالات التي يتبين فيها بوضوح توقف التنفس أثناء النوم أو اضطراب نمو واضح. معظم الأطفال يخضعون لعملية جراحية في سن ثلاث حتى أربع سنوات. يتم إجراء الجراحة تحت التخدير الكلي: الطفل “ينام” ولا يشعر بأي لمس لجسده أثناء الجراحة. تعطى مادة التخدير عبر قناع باستنشاق الى الجهاز التنفسي أو عبر الوريد. يتعلق اختيار إحدى الطريقتين بعمر الطفل. يحق لأحد الوالدين مرافقة الطفل الى غرفة العمليات حتى يتم تخدير الطفل. يتم إجراء الجراحة عن طريق الفم وبدون جروح خارجية. ويقوم الجراح خلال العملية بإزالة اللوزة الثالثة من الغشاء المخاطي البلعومي ووقف النزيف بواسطة الضغط المحلي والحرق الكهربائي.
بعد الجراحة يتم نقل الطفل إلى غرفة الإنعاش، حيث يبقى هناك لعدة ساعات. وفي غرفة الإنعاش يمكث الأهل مع الطفل. وخلال هذه الساعات يعود الطفل تدريجيا من حالة النوم حتى اليقظة التامة. وفي هذا الوقت قد يكون هناك نزيف بسيط من الأنف أو من الفم سيتوقف حتى تسريح الطفل الى منزله. يتم تسريح الطفل الى البيت بعد أن يتم فحصه من قبل طبيب الأنف الأذن والحنجرة.
وبعد الجراحة؟
“أعتذر إذا كان هذا يبدو وكأنه مبالغة شاعرية، ولكن شعرنا وكأن ايتاي ولد من جديد بعد الجراحة. هكذا تمامًا. في غضون عشرة أيام أصبح نومه هادئا، متواصلا ومنتظما. وبعد بضعة أشهر لاحظنا أنه منتعش، متحرر ويقظ ويتمتع بنشاط وتركيز. ببساطة، متعة”.