حنّا شمعوني، مدرسة تبلغ من العمر 52 عاما وأم لأربعة أطفال، جاءت في شهر آب الماضي لإجراء فحص روتيني وتصوير طبي للثدي في معهد التصوير الشعاعي للثدي التابع لمئوحيدت في القدس. وهذه المرة أيضا، كما قبل عامين، جاءت لإجراء الفحص في أعقاب الدعوة التي أرسلت إليها. وكانت تفترض أن الفحص الحالي سيكون مشابهًا لسابقه: تصوير الأشعة السينية للثدي الذي يتم إجراؤه بواسطة جهاز خاص يضغط الثدي بين قالبين، ليس لطيفا بوجه خاص، ولكنه بالمقابل ليس فظيعًا.
ولكن هذه المرة كانت مختلفة. بعد الفحص طلبت العاملة التقنية من السيدة العودة لإجراء فحوصات وصور شعاعية أخرى، وبعدها تم استدعاء الطبيبة أيضا إلى غرفة الفحوصات. قامت الطبيبة بفحص الصور بتركيز كبير وشرحت للسيدة حنا أنه يظهر في صورة الثدي الأيمن ورم صغير يثير الشك ويتطلب الأمر إجراء فحص إضافي. خضعت حنا لفحص اولتراساوند (موجات فوق صوتية) للثدي، وبعد ذلك أبلغتها الطبيبة بأن هناك حاجة لأخذ عيّنة- إجراء خزعة. الخزعة نفسها مرّت بسلام- “أقل إيلاما من علاج الأسنان”، كما ذكرت الطبيبة في بداية الفحص. وبعد أسبوع، جاءت حنا برفقة زوجها، للحصول على نتائج الفحص- فتم إبلاغها بأن نتيجة الفحص تشير الى وجود ورم خبيث. في تلك اللحظة، أصبحت حنا جزءًا من الإحصاءات – لدى واحدة من بين كل ثماني نساء يتم تشخيص إصابة بسرطان الثدي خلال حياتهن.
“طرقة على الباب”
في حالة حنا، وبفضل التشخيص المبكر، لم تكن هناك حاجة لاستئصال كامل الثدي. فقد تم في العملية الجراحية استئصال كتلة قطرها 1.5 سم فقط، فالغدد الليمفاوية التي تم فحصها لم تكن مصابة بالورم السرطاني. ولاستكمال العلاج خضعت لعلاج بالأشعة ولعلاج بالأدوية المضادة للهرمونات، والتي هي أيضا تكاد تخلو من الآثار الجانبية. وأوضح لها أطباؤها الأخصائيون بالأورام أن احتمالات شفائها كبيرة جدًا ولا حاجة للخضوع للعلاج الكيماوي المرافق.
واليوم، بعد مرور نحو عامين منذ التشخيص، تشعر حنا بأن حياتها أعطيت لها كهدية. “كانت لدي طرقة على الباب”، تقول حنا، “ومنذ أن أصبت بالمرض فإنني فقط أقدّر الحياة أكثر، وأبارك الإمكانية التي أتيحت لي لإجراء الفحص الروتيني الذي أدى الى التشخيص المبكر وإنقاذ حياتي.”
التشخيص المبكر
في كل سنة، يتم الكشف عن إصابة نحو أربعة آلاف امرأة في إسرائيل بسرطان الثدي. هذا هو الورم الخبيث الأكثر شيوعا بين النساء في العالم الغربي. والأخبار السارة هي أنه يتم تشخيص المزيد من النساء في المراحل المبكرة حيث يتعافين من المرض. ترتفع نسبة الشفاء من سرطان الثدي بفضل برنامج الاستعراض القطري الذي يتم من خلاله دعوة النساء لإجراء التصوير الشعاعي الروتيني للثدي كل سنتين من سن 50 سنة، وبفضل حساسية هذه الفحوصات في تشخيص السرطان قبل أن يكون بالإمكان تحسّسه بالفحص اليدوي. تقول د. تنير الوايس، أخصائية جراحة الثدي في مستشفى هداسا، والمستشارة في مركز الثدي في مئوحيدت “مسغاف لداخ”. “هنالك أهمية كبيرة لتشخيص سرطان الثدي في مراحله المبكرة”. وتضيف: “في كثير من الأحيان يمكن الاكتفاء باستئصال جزئي للثدي فقط وتجنب الاستئصال الكامل للثدي في حالة التشخيص المبكر. كما أنه، في المراحل المبكرة من السرطان يتم عادة أخذ عينة الغدد الليمفاوية من الإبط فقط ولا حاجة لاستئصالها كلها. وهناك أفضلية هامة أخرى وهي أنه في كثير من الحالات ليست هناك حاجة للعلاج الكيميائي”. هناك الكثير من التشخيصات التي لا تكون مهنية بما يكفي وتكون في بعض الأحيان أقرب الى الإهمال الطبي، يمكن قراءة المزيد عن ذلك لدى المحامي ينير هرئيل، محامي الإهمال الطبي ودعاوى التأمين.
ويستند الكشف المبكر عن سرطان الثدي بالأساس على التصوير الشعاعي الروتيني للثدي، ولكن من المهم أن نتذكر أن حوالي 10٪ من أورام الثدي لا تظهر في التصوير الشعاعي للثدي، وبالتالي فإنه من المهم التشديد على إجراء فحص يدوي سريري من قبل طبيب، مرة واحدة في السنة على الأقل. عندما يظهر تشخيص مشبوه في الفحص، يجب استيضاح طبيعته: هل هو ورم حميد أم خبيث. ويتم استيضاح ذلك بواسطة الخزعة. ويتم إجراء الخزعة لنتيجة فحص مشبوهة عادة بتوجيه اولتراساوند أو تصوير شعاعي للثدي، فحص جراحي بسيط يتم إجراؤه بتخدير موضعي، حيث تؤخذ عينة من الورم المشتبه بواسطة إبرة خاصة. ويتم إرسال العينة للفحص المجهري في المختبر، وهو فقط الذي يمكنه تحديد ما إذا كان الحديث يدور عن سرطان أو ورم حميد.
“الجنس، العمر والتاريخ العائلي هي عوامل الخطر الرئيسية وليس لدينا أي سيطرة عليها”، تقول د. تنير الوايس. “ومع ذلك، فإن التعاون الفعال للنساء الذي ينعكس في الاستجابة للفحوصات الروتينية، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة التشخيص المبكر ونسبة الشفاء.”
وفقا لتوصيات سلة الخدمات الصحية، فإن مئوحيدت تقوم بشكل فعال بدعوة جميع النساء المؤمّنات في صندوق المرضى لإجراء تصوير شعاعي روتيني للثدي مرّة كل سنتين، ابتداء من سن 50 سنة. إن الفرص السانحة للتشخيص المبكر وللشفاء من سرطان الثدي ضئيلة، فلا تسمحي لنفسك بتفويتها. هيّا الى الفحص.